في إطار تطوير البنية التشريعية والاقتصادية للمملكة، برز السوق الموازي السعودي المعروف باسم "نمو" كأداة استراتيجية لدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز تنوع الاقتصاد وفق مستهدفات رؤية 2030.
وبصفتنا في شركة الدويخ للمحاماة نتابع عن كثب تطورات الأنظمة الاستثمارية والمالية في المملكة، نقدم في هذا المقال تحليلًا متخصصًا حول الإطار النظامي، والفرص الاستثمارية، والمخاطر القانونية والتنظيمية المرتبطة بسوق "نمو".
السوق الموازي هو سوق بديل ضمن سوق الأسهم السعودية "تداول"، يهدف إلى تمكين الشركات الناشئة والصغيرة من الوصول إلى أسواق رأس المال، بمتطلبات إدراج أكثر مرونة مقارنة بالسوق الرئيسية.
وقد أُنشئ هذا السوق من قبل هيئة السوق المالية لتوفير مسار تمويلي يدعم نمو هذه الكيانات، ويمنحها فرصة الإدراج العام وفق شروط ميسّرة نسبيًّا.
وقد شهد السوق نموًا ملحوظًا منذ انطلاقه، حيث ارتفع مؤشره بنسبة 28% خلال عام 2024، مع تجاوز حجم التداول 14 مليار ريال، وارتفاع أسهم 11 شركة بأكثر من 100%، ما يعكس ثقة متزايدة من قبل المستثمرين المؤهلين.
الأهداف الاستراتيجية للسوق الموازي
يخدم السوق الموازي مجموعة من الأهداف ذات الأثر القانوني والاقتصادي، من أبرزها:
تحفيز بيئة ريادة الأعمال في المملكة.
توفير قنوات تمويل بديلة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
ترسيخ ثقافة الإفصاح والحوكمة داخل القطاع الخاص.
تعزيز تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
تعميق السوق المالية وتوسيع قاعدة المستثمرين.
تُحدَّد شروط الإدراج في "نمو" وفق لائحة السوق المالية الصادرة عن هيئة السوق المالية، وتشمل ما يلي:
أن تكون الشركة مساهمة وذات نشاط قائم منذ سنة على الأقل.
ألا تقل القيمة السوقية عن 10 ملايين ريال.
وجود قوائم مالية مدققة وفق معايير IFRS.
ألا يقل عدد المساهمين عن 50.
الالتزام بمتطلبات الحوكمة، بما في ذلك لجان التدقيق والمخاطر.
تعيين مستشار مالي معتمد من الهيئة.
وجود خطة استراتيجية واضحة لاستدامة الأعمال.
حظر بيع أسهم المؤسسين لمدة سنة من تاريخ الإدراج.
تتيح السوق الموازية فرصًا جاذبة للمستثمرين المؤهلين، لا سيما في الشركات الواعدة ذات إمكانات النمو العالي، كما يمكن للمستثمرين الأفراد الاستثمار عبر الصناديق أو المحافظ المدارة، أو بشكل مباشر بشرط توافر أحد المؤهلات التالية:
تنفيذ صفقات لا تقل عن 40 مليون ريال خلال آخر 12 شهرًا.
أو أن يتجاوز متوسط حجم المحفظة 10 ملايين ريال.
أو الحصول على شهادة "CME-1" المعتمدة من الهيئة.
وتكمن جاذبية "نمو" في إمكانية تحقيق عوائد طويلة الأجل، مع تنويع المحافظ الاستثمارية من خلال دخول قطاعات ناشئة وغير ممثلة بشكل كافٍ في السوق الرئيسي.
ورغم الفرص الواعدة، إلا أن السوق الموازي يحمل بعض التحديات والمخاطر القانونية والمالية، من أبرزها:
انخفاض السيولة في بعض الأسهم، مما قد يحدّ من سهولة التخارج.
تقلبات سعرية عالية بسبب حجم التداول المحدود.
الشركات المدرجة غالبًا ما تكون أقل استقرارًا ماليًّا، وأكثر تأثرًا بالعوامل الاقتصادية.
متطلبات الإفصاح أخف من السوق الرئيسي، مما قد يؤدي إلى تفاوت في جودة المعلومات المتاحة للمستثمرين.
محدودية عدد الشركات المدرجة قد تعيق بناء محفظة متوازنة داخل "نمو" فقط.
وعليه، فإننا في شركة الدويخ للمحاماة نوصي المستثمرين—خاصة الأفراد—بإجراء فحص قانوني ومالي دقيق قبل اتخاذ قرار الاستثمار، والتأكد من فهم المخاطر النظامية المرتبطة بالشركة المستهدفة، وهيكلها الحوكمي، والتزاماتها القانونية تجاه المساهمين.
السوق الموازي السعودي يمثل خطوة جريئة في سبيل تمكين الشركات الوطنية، وتنمية السوق المالية، وخلق فرص جديدة للمستثمرين. غير أن التفاعل معه يتطلب وعياً قانونيًا وماليًا عميقًا، وحرصًا على دراسة البيئة النظامية المحيطة.
وفي شركة الدويخ للمحاماة، نضع خبراتنا القانونية والشرعية في خدمة الشركات والمستثمرين، سواء في مراحل الإدراج، أو بناء المحافظ، أو تقييم المخاطر القانونية المرتبطة بالاستثمار في "نمو".